العمارة الخضراء .. تعرف على المقصود بها وفوائدها والتكلفة الاقتصادية
العمارة الخضراء .. إليك كل ما تريد معرفته عنها (المقصود بها، فوائدها، التكلفة)
يعاني كوكب الأرض من مخاطر عديدة متمثلة في انتشار الأوبئة والأمراض وتسارع النمو السكاني الذي يقضي على كافة الموارد ومشاكل المناخ وتأثيراتها البيئية. وتحاول كافة الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية من السيطرة على كل هذه التهديدات من خلال جهود ملموسة متمثلة في التشريعات والقوانين الدولية.
تغير المناخ هو أهم هذه القضايا وأكثرها تأثيرًا وتهديدًا على حياة الإنسان، وبسبب عدم القدرة على كبح جماح رغبات الإنسان في السيطرة على الكوكب وزيادة إنتاجه الصناعي، كان لزامًا على الشعوب أن تجد طرق أكثر فاعلية لمحاولة الحد من هذه الكارثة، وبرزت العمارة الخضراء كأحد الحلول الفعالة وسهلة التطبيق للتصدي لتغير المناخ.
تعد العمارة الخضراء من أكثر الوسائل الفعالة للتوفير في الموارد وتقليل انبعاث الغازات الدفيئة وتحسين جودة الحياة في المدن. إلا أن عائقًا أساسيًا يحول دون التطبيق الواسع لهذه الوسيلة، ألا وهو عدم التأكد من تكاليف البناء. وقد حاولت بعض الأبحاث التي نشرت مؤخرًا التعامل مع هذه المسألة.
ما هي العمارة الخضراء؟
هي عبارة عن تقنية تستخدم تصميمات معمارية تضع البيئة في الاعتبار من خلال التركيز على آثار البناء وتوفير الطاقة ومحافظة للبيئة. تحافظ هذه المباني على البيئة الطبيعية وتعمل على حمايتها، ويتم تكييفها لتتكامل بشكل جيد مع البيئة الحالية من حيث المساحة والطاقة واستخدام المياه والموارد. حيث يجب أن تكون التصاميم مستدامة من الاستشارات الأولية ومسح الموقع والتصميم وتعديل الخطة واستخدام المواد والتوافق مع البيئة الحالية وخيارات المباني الخضراء، وذلك لضمان تضمين جميع التفاصيل الصديقة للبيئة.
كيف ظهرت العمارة الخضراء؟
ظهرت العمارة الخضراء تاريخيًا منذ قديم الأزل، فهي ليست جديدة العهد على الفكر الإنساني. ففي الحضارة المصرية القديمة استخدم المصري القديم الطوب المحلي وورق البردي والأخشاب في عناصره المعمارية. واستخدم أيضًا الأحجار ونحت الجبال للمعابد، وهذا هو أفضل مثال للعمارة الخضراء التي تستغل الموارد البيئية خير استغلال دون إلحاق أي ضرر بها.
أما في الحضارة الإسلامية كان استخدام المعالجات البيئية الحرارية عن طريق “الملقف”. وتعتمد فكرته على دخول الرياح العليا الباردة في الجزء العلوي للملقف وانسيابها لأسفل الفراغ الرأسي فتدفع بدورها الهواء الساخن ذو الكثافة الأقل ليدخل في فتحة الشخشيخة أو أي فتحات علوية أخرى. وتكون أعلي نقطة للمبنى في اتجاه الرياح المرغوبة فيوجه الهواء الي داخل المبني.
وكذلك استخدام المشربيات الخشبية كنوع من أنواع المعالجات الحرارية التي تسمح بدخول التهوية للفراغات الداخلية. واستخدام الأسقف كالقباب التي تكون مظللة دائمًا إلا وقت الظهيرة، وتزيد سرعة الهواء المار فوق سطوحها المنحنية، مما يعمل على خفض درجة حرارة هذه السقوف.
التكلفة الاقتصادية
تزيد تكلفة الاستثمار الإضافي في العمارة الخضراء بسبب المكونات الخضراء (البيئية) بنسبة 2-4% أكثر من الاستثمار في المباني العادية. ويحتل إجمالي الاستثمار في الطاقة (بما في ذلك وسائل التكييف والإنارة المختلفة) نحو 60% من إجمالي الاستثمار الإضافي في المبنى. وفي مجال الطاقة، يعد العزل تحديدًا؛ مثل الجدران الحرارية والزجاج المزدوج، المكون الاستثماري الأهم.
وتفيد هذه المعطيات بأن البناء الأخضر لا يزيد بشكل جدي تكاليف البناء. لكن، وبسبب الاختلافات الكثيرة في مكونات المباني الخضراء، فالمجال واسع للمرونة، وبالتالي اختلاف الأسعار. ويتعلق الأمر بالمواصفات الرسمية للعمارة الخضراء؛ إذ كلما ازدادت المواصفات صرامة، كلما أدى ذلك إلى زيادة إضافية في تكلفة البناء. لكن، بما أن طرق البناء الأخضر تتطور وتتحسن باستمرار، فإن ذلك يؤدي إلى تقليل التكلفة.
إخترنا لك من أفضل الدبلومات والدورات
دورة تعليم برنامج لوميون الشاملة – Lumion Course
المواد المستخدمة في العمارة الخضراء
تستخدم المواد التي تشجع على ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية المحيطة، مثل: الامتصاص الحراري وكفاءة الطاقة وكفاءة المياه المستخدمة وتوفير تكاليف البناء. وما يلي هي بعض المواد المُستخدمة في العمارة الخضراء:
1- المنتجات المعاد استخدامها
تستخدم تلك المنتجات بسبب خفض تكلفتها المادية وكفاءة مواردها وتوفرها، مثل: الكرتون المعاد تدويره، والقطن المعزول من الدنيم، والأحجار المعاد تدويرها. كل تلك المواد تستخدم كعوازل حرارية.
2- مواد طبيعية متوفرة
تعتمد تلك المواد على مصادر طبيعية متجددة ومستمرة، ويتم إنتاجها بواسطة الطبيعة بشكل مستمر دون انقطاع مثل: أخشاب الغابات والبلاط الشمسي (أحد أنواع البلاط يعتمد في تصنيعه على أشعة الشمس).
3- مواد متينة
تتحمل تلك المواد كثرة الاستهلاك والاستخدام ولا تحتاج لصيانة دورية. وتتميز بفترة صلاحية طويلة وبالتالي يلغي الحاجة لعمليات الاستبدال المتكرر، مما يقلل التكلفة على المستهلك، ويمكن إعادة تدويرها بعد فترة زمنية طويلة.
4- مواد غير سامة
ينصح بشدة باستخدام مواد غير سامة في العمارة الخضراء؛ وذلك بسبب تعزيزها لجودة الهواء الداخلي. وتتميز بانخفاض نسبة المواد المسرطنة الضارة بالصحة.
5- مواد مقاومة للرطوبة
وهي منتجات ذات نسبة منخفضة من المركبات العضوية المتطايرة، وتلك المركبات تمثل خطرًا على صحة الإنسان.
فوائد العمارة الخضراء
1- الحفاظ على الطاقة
تعتمد العمارة الخضراء على انخفاض نسبة استخدام الوقود الحفري، والاعتماد بشكل أكبر على الطاقة الطبيعية. حيث أن استخدام هذه التكنولوجيا يقلل من استخدام الطاقة بمقدار 70% في المباني السكنية، و60% في المباني التجارية. ومن الممكن توفير احتياجات المبنى من خلال الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية والرياح والأمواج والمساقط المائية.
تهدف تكنولوجيا العمارة الخضراء إلى الحفاظ على شكل الموقع الجغرافي، وعدم تغييره بواسطة المباني أو التأثير عليه. ومن وجهة نظر مثالية ونموذجية أن المبنى إذا تم إزالته أو تحريكه من موقعه فإن الموقع يعود كسابق حالته قبل أن يتم بناء المبنى.
3- التكيف مع المناخ
اهتم الإنسان منذ بداية وجوده على سطح الأرض بأن يكون مأواه حاوي لعنصرين أساسين، هما: الحماية من التقلبات المناخية، وتوفير جو هادئ ومريح لجسده ونفسيته. فنجد أن تكنولوجيا العمارة الخضراء تعمل على العديد من طرق المعالجات الحرارية التي تساهم في خفض درجات الحرارة مثل استراتيجية (برج الرياح – The wind tower).
ويتضمن تصميم منزل أو مبنى تجاري على أساس العمارة الخضراء ميزات المساحة الداخلية المريحة، مع التركيز على التحكم في درجة الحرارة الطبيعية والتهوية المناسبة، واستخدام المنتجات التي لا تنبعث منها مركبات أو غازات سامة. والغرض من هذا المبدأ هو ضمان جودة البيئات الداخلية.
4- استخدام مواد بناء قابلة لإعادة التدوير
تستخدم بعض المواد المعاد تدويرها أو القابلة لإعادة التدوير بشكل أساسي في تكنولوجيا العمارة الخضراء، وذلك توفيرًا للنفقات وتقليل النفايات، والعمل على انخفاض نسبة الطاقة المُستخرجة من الوقود الحفري الذي يؤثر على البيئة وصحة الإنسان.
5- ترشيد استخدام الماء
تعمل العمارة الخضراء بإلهام البيئة المحيطة لحماية جودة المياه وتقليل استهلاك المياه أو الهدر. حيث إنه جزء من المبادئ المستدامة في البناء الأخضر، والتي تشجع على الاستخدام الفعال للمياه. كما يضمن مبدأ العمارة الخضراء أن المياه يتم جمعها وتنقيتها وإعادة استخدامها خلال فترة البناء بأكملها.
عيوب العمارة الخضراء
تنحصر العيوب المرتبطة بتكنولوجيا العمارة الخضراء في عاملين مرتبطين بالموارد الطبيعية:
العامل الأول: مرتبط بتحديد موقع البناء في مكان تتوافر فيه أشعة الشمس بشكل مستمر. وذلك لأن الشمس هي أحد أهم موارد الطاقة اللازمة.
العامل الثاني: مرتبط بتوافر مواد البناء خصوصًا مع قلة توافرها في الأماكن الحضرية وصعوبة العثور عليها. وذلك ما يزيد من تكلفة البناء بشكل عام.
يحاول الإنسان بكل جهود حثيثة للتغلب على تقلبات الطبيعة. فدائمًا ما يهرع إلى أفكار جديدة تساعده للحفاظ على البيئة والحفاظ على جنسه البشري. ولكن إن أمعنت النظر ستجد أن الإنسان نفسه هو أساس تلك التقلبات. وبالتالي فالمشاكل المتعلقة بالعمارة لن يكون حلها فقط في ابتكار طريق جديدة، بل بإعادة التفكير في الطرق والوسائل المستخدم حاليًا وإيجاد الأخطاء والعيوب وتصحيحها.
سجل بياناتك ليصلك كل جديد ومفيد
سجل بياناتك الأن
كن دائما اول المستفيدين بكل جديد ومفيد
الردود