إليك 4 أمثلة حول الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة
إليك 4 أمثلة حول الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة
عُرفت الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة كعلم جديد تتناول فيه الهندسة المعمارية محاكاة وتقليد الطبيعة كموضوع رئيسي لها. لكن الأمر المفاجئ أن الطبيعة كانت منذ الأزل البعيد جدًا مصدر إلهام حقيقي لعلم الهندسة المعمارية، أما المصطلح الذي أطلق عليها هو من تَغيَّر مع الزمن، ومنحها تسميات جديدة كل مرة، فتارة يسمى بهندسة الطبيعية، أو الهندسة المعمارية التي تحاكي الطبيعة، أو هندسة المحاكاة الحيوية، وكلها صحيحة وتشير تمامًا لهدف هذا العلم ألا وهو استخدام خصائص ومميزات الطبيعة وتطبيقها على صناعة البناء لتحسين الحياة البشرية.
وللتعرف أكثر على هذا العلم المبهر نقدم لك مقالنا هذا حتى يتسنى لك معرفة كل خلفياته وجوانبه محاولين الإجابة عن المضامين التالية:
تعريفها، مميزاتها، المواد المستعملة، وأمثلة عليها.
ما هي الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة؟
تتوفر الهندسة المعمارية التي تحاكي الطبيعة على العديد من التعاريف أبرزها:
الهندسة المعمارية التي تحاكي الطبيعة
هي “فلسفة معاصرة تبحث عن حلول مستدامة من خلال الطبيعة. حيث تُطبَّق مجموعة من القواعد التي تتحكم في الأشكال والأجسام الطبيعية في عملية البناء دون التركيز فقط على الرموز الأسلوبية. ونتيجة لذلك، تعطي الآليات الطبيعية إجابة أفضل من حيث استخدام المواد وهيكل المبنى. لذلك يقال أنه يمكن للمحاكاة الطبيعية والاستخدام الحيوي أن تجعل مشاريع ومواد البناء أكثر استدامة”.
تقدم العالمة جانين بينيوس في كتابها (التقليد الحيوي:
الابتكار المستوحى من الطبيعة) شرحًا آخر، فتقول: “يمكن أن نرى معنى محاكاة الطبيعة من خلال ثلاث وجهات نظر مختلفة:
– الطبيعة كنموذج
تعتبر هذا النوع من الهندسة كعلم جديد يقوم على دراسة نماذج وقواعد الطبيعة حتى تكون مصدرًا ممتازًا لحل المشكلات البشرية.
– الطبيعة كمقياس
تستخدم هذا النوع من الهندسة كمعيار بيئي للحكم على استدامة الابتكارات والعمليات البنائية.
– الطبيعة كمرشد
إن محاكاة الطبيعة في الهندسة المعمارية ما هو إلا طريقة جديدة لتقدير الطبيعة والتفكر فيها.
إن الهندسة المعمارية التي تحاكي الطبيعة هي “نهج علمي متعدد التخصصات للتصميم المستدام يتجاوز استخدام الطبيعة كمصدر إلهام لعلم الجمال، بل يدرس بعمق ويطبق مبادئ البناء الموجودة في البيئات والأنواع الطبيعية”.
إخترنا لك من أفضل الدبلومات والدورات
دورة تعليم برنامج لوميون الشاملة – Lumion Course
مميزات الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة
تتوفر على سمات عدة مكنتها من تبوء مكانة عالية ضمن المجالات المتعلقة بالبناء والمعمار بشكل عام، وأبرز هذه الخصائص ما يلي:
– القدرة على تدوير وإعادة استخدام موارد الطبيعة بشكل فعال في البناء المعماري.
– تطبيق المشاهد الطبيعية في المشاريع.
– تقليل الأثر السلبي للمباني.
– الاستدامة.
– مواكبة الابتكار التكنولوجي للمباني.
– خلق مجتمع أفضل قائم على تقارب البشر والطبيعة.
– تحسين الحياة البشرية إلى الأفضل.
المواد المستعملة في الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة
تستطيع الطبيعة إنشاء أشكال معقدة ببساطة انطلاقًا من الهندسة الطبيعية الموجودة في هياكلها، مما جعلها مصدرًا رئيسيًا لتشييد مباني على أرض الواقع محاكية لها. من تمَّ؛ قد نتسائل ما هي أبرز المواد التي لا بد من توفرها في مكونات المبنى حتى يصلح أن يُطلق عليه مبنى ناتج عن الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة.
يقول عالم الأحياء بيتر نيفيا روفسكي الأستاذ الكبير في جامعة أكرون ومركز أبحاث المحاكاة الحيوية والابتكار التابع لها: “إن الطريقة التي تحل بها الأنظمة البيولوجية المشكلات تختلف اختلافًا كبيرًا عن الطريقة التي تحل بها الأنظمة المهندسة مشكلاتها”.
فهو يُخبر أن الحلول التي صممها الإنسان بدائية وتحتاج إلى إضافات لها، حيث تُستعمل المزيد من المواد لتسريع التفاعلات، وأن العمليات الطبيعية تعتمد أساسًا على خصائص هندسية ومواد فريدة، لكن تبقى تكلفة ذلك باهظة جدًا.
تختلف المواد التي تستعمل لبناء المباني العادية عن غيرها من مثيلاتها المحاكية للطبيعة، ويرجع ذلك إلى أهداف هذه الحركة المعمارية بالمُجمل. فمن أجل الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها كان لا بد من سعي الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة لاستخدام المواد ذات البصمة الكربونية المنخفضة، والتي تساهم في توليد تأثير طفيف على الطبيعة.
وأبرز هذه المواد هي المواد المستدامة التي أدت إلى جعل هذه المباني أكثر حركية مما مضى، ووفرت لها تكيفًا رائعًا مع البيئة والطبيعة.
إن للمواد المستدامة فعاليةً أخرى رائعة. فانطلاقًا من التطور البيولوجي الذي عرفه العالم في السنوات الماضية، تمكنت الهندسة المعمارية من خلال التلاعب بمجموعة من المواد كان أهمها الكائنات الحية الدقيقة، اللباد، الزانيت، الفلين، والدهانات المقاومة للماء والرطوبة من خلق مواد خام مستدامة جديدة أصبحت هي المواد الرئيسية في هذا النوع من الهندسة المعمارية.
لا يمكن كذلك نسيان المادة الرئيسية في البناء، ألا وهي الطوب، لكن ما قد لا يُعرف على الطوب العادي أنه يساهم بحوالي 12% من جميع انبعاثات الكربون، وأنه يحتوي على مواد كيميائية سامة قد تكون سببًا أساسيًا في أضرار خطيرة على الصحة البشرية مستقبلًا. لذلك تقرر زراعة الطوب في أحد مصانع شركة BioMASON في ولاية كارولينا الشمالية. هذا الطوب المصنوع له القدرة على التقليل من انبعاثات الكربون وهو قريب من تكلفة الطوب العادي.
أمثلة من الواقع حول الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة
قلد الإنسان الطبيعة منذ القدم، فكانت أغلب محاكاته المتعلقة بمجال الهندسة المعمارية مقتصرة فقط على تكرار الجوانب التي يلاحظها وإعادتها دون تعمق. لكن في وقتنا الحاضر؛ ومع التطور التكنولوجي الهائل عرفت هذه المحاكاة أيضًا تطورًا ملحوظًا لا سيما عند تداخل التقنيات والابتكارات في هذا المجال. ومن أمثلة الهندسة المعمارية التي تحاكي الطبيعة في الواقع نجد ما يلي:
1. مركز إيستجيت في زيمبابوي
يعتمد المبنى في تصميمه على نفس مفهوم بناء منزل النمل الأبيض. فنظام التهوية المعقد الذي يتميز به هذا المنزل الطبيعي كان مصدر إلهام حقيقي لتشييد مبنى مماثل له في الحقيقة. وأساس هذا النظام يتمثل في كون الكتل الخرسانية للمبنى قائمة على تسخين أو تبريد الرياح الداخلة للمبنى اعتمادًا على أيهما أكثر سخونة، الرياح أو الخرسانة. فيدخل الهواء للمبنى من الطوابق السفلية ثم يستمر في الصعود حتى يصل للأعلى عبر المداخن.
2. مبنى غيركين The Gherkin في لندن
يعتبر هذا المبنى من أوائل البنايات المطورة بيئيًا في لندن، إذ استُمدت فكرة التهوية الخاصة به من الإسفنج البحري وشقائق النعمان، وهما عبارة عن حيوانات بحرية تُغذي نفسها بواسطة تدفق المياه داخل جسمها. وعلى هذا المبدأ ت تولدت محاكاة نظام التهوية للمبنى، فأصبح مدعومًا بهيكل خارجي يجعل من التهوية تتدفق عبر المبنى بأكمله.
3. مشروع عدن Eden Project في كورنوال بالولايات المتحدة
صُمم المبنى على يد المهندس نيكولاس جريمشو، حيث اعتمد في تصميمه للمبنى على الهندسة المعمارية المحاكية للطبيعة، فقام بتقليد شكل فقاعات الصابون، وكذا محاكاة الشكل الحلزوني الموجود في كثير من الكائنات الطبيعية مثل الصنوبر، عباد الشمس، وقشور الحلزون. فقدم في النهاية مشروع عدن المعروف عالميًا الذي يحتوي على أصناف عديدة من النباتات المختلفة والمتنوعة.
4. برج شيكاغو Chicago Spire
يُعرف البرج بكونه ثاني أطول مبنى في العالم بعد برج خليفة وأحد أهم المباني السكنية في العالم، إذ يصل عدد طوابقه إلى 150 طابقًا.
استمد المبنى هندسته المعمارية من الحيوان البحري Nautilus shel، فأصبح بذلك هيكل المبنى مشتملًا على مجموعة مختلفة من العناصر منها:
– نظام إعادة تدوير مياه الأمطار .
– نظام التبريد انطلاقًا من سحب مياه النهر.
– الواجهة الزجاجية عالية الأداء لحماية الطيور.
إخترنا لك من أفضل الدبلومات والدورات
دورة تعليم برنامج لوميون الشاملة – Lumion Course
قد تبدو الأمور المتعلقة بهذا النوع من مجال الهندسة في تغير مستمر في الآونة الأخيرة، ورغم كون هذا التغير بطيئًا إلا أنه يساهم بشكل كبير في استمرار التطور البشري الذي سيكون حتمًا ما مكتملًا في يوم ما. إن لمجال الهندسة المعمارية مستقبل زاهر، إنها الطريقة الجديدة لفهم البناء الحضري الصديق للبيئة، وهو ذاته من سيكون أداة وصل بين الطبيعة والكوكب الذي نعيش فيه، لأن كوكب الأرض بعد كل شيء يظل ماضينا، حاضرنا، ومستقبلنا.
سجل بياناتك ليصلك كل جديد ومفيد
سجل بياناتك الأن
كن دائما اول المستفيدين بكل جديد ومفيد
الردود